العز بن عبد السلام سلطان العلماء
1. **مولده ونشأته**
وُلد **العز بن عبد السلام** في **دمشق** عام 577 هـ (1181م).
نشأ في بيئة علمية، حيث كان والده من العلماء المعروفين. بعد أن أتم تعليمه في دمشق، انتقل إلى **مصر**، حيث بدأ يدرّس ويؤلف.
درس في مدارس دمشق ومدينة القاهرة، وكان له أساتذة بارزون في مختلف العلوم الشرعية.
2. **شيوخه وأساتذته**
من أبرز شيوخه في **دمشق**:
**الشيخ ابن المنيّر**: الذي تعلم منه الفقه.
**الشيخ التنوخي**: الذي كان له دور كبير في صقل علمه.
**الشيخ السمعاني**: من العلماء المشهورين في عصره.
في **مصر**، درس على أيدي كبار علماء الفقه والتفسير، ثم أصبح أحد كبار العلماء في **جامع الأزهر** بعد انتقاله إليها.
3. **الفقه والعلم الشرعي**
كان **العز بن عبد السلام** من أبرز العلماء في **الفقه الشافعي**، وقد نال شهرة واسعة بفضل علمه الفقهي العميق والمستقل. كما كان بارعًا في علوم أخرى مثل **التفسير**، **الحديث**، و**الأصول**.
من أبرز **مؤلفاته الفقهية**:
**"قواعد الأحكام في مصالح الأنام"**: هذا الكتاب من أمهات الكتب في **أصول الفقه**، يتناول فيه العز بن عبد السلام قواعد عامة لعلم الفقه ويضع أسسًا لاستنباط الأحكام بما يتوافق مع مصلحة الأمة.
**"غيث الفتاح في شرح مختصر ابن الحاجب"**: من أشهر شروحه في الفقه الشافعي.
4. **مواقفه الشجاعة ضد الظلم**
عرف العز بن عبد السلام بشجاعته في مواجهة الحكام، وكان له مواقف جريئة في مسألة **العدالة الاجتماعية**، حتى أنه تحدى السلطة في بعض الأحيان من أجل مصلحة العامة.
في فترة حكم المماليك، رفض العز بن عبد السلام **فرض الضرائب على الناس** بشكل ظالم وغير شرعي، وكان له موقف شديد ضد استغلال الحكام للثروات العامة على حساب الشعب.
**أشهر مواقفه** كانت عندما تصدى لإحدى حملات جمع الأموال من الناس لصالح الدولة، حيث اعتبرها **جورًا وظلمًا**، فرفض إعطاء الفتوى بتبرير هذه الضرائب. وقد كان هذا الموقف جريئًا للغاية في عصره، حيث اعتُبر تحديًا للسلطة السياسية في ذلك الوقت.
5. **فتاواه الإصلاحية**
كانت فتاوى العز بن عبد السلام تتميز بكونها تركز على **الإصلاح الاجتماعي**، وكان دائمًا يسعى لرفع الظلم عن الناس، وحماية حقوقهم.
من أشهر فتواه:
**تحريمه للربا**: كانت فتاواه في تحريم الربا صارمة، حيث كان يرى أن الربا ليس محرمًا فحسب، بل هو من أعظم أوجه الظلم في المجتمع.
**تحريمه لبيع السلاح في فترات الفتن والحروب**: كان يرى أن بيع السلاح في أوقات الفتن يزيد من **الخراب والدمار**.
**رفضه لفرض ضرائب غير مشروعة**: رفض فرض الضرائب التي كانت تُفرض على العامة بغير حق.
6. **لقب "سلطان العلماء"**
يُلقب العز بن عبد السلام بـ **"سلطان العلماء"** بسبب عظمته في العلم وقوة تأثيره في المجتمع، حيث كانت فتواه ومواقفه تتسم بالاستقلالية والجهر بالحق. وقد منح هذا اللقب بعد أن أصبح رأسًا من رؤوس العلم في عصره وكان له تأثير كبير في حياة الأمة الإسلامية.
كان دائمًا ينادي بتحقيق العدالة والمساواة بين الناس في المسائل الدينية والدنيوية.
7. **مساهماته في الفكر الإسلامي**
**التفسير**: كان للعز بن عبد السلام إسهامات كبيرة في مجال **التفسير**، حيث كان يولي أهمية كبرى لفهم معاني القرآن الكريم، وتفسيره بما يتناسب مع مصلحة الأمة.
**الأصول**: له عدة مؤلفات في **علم الأصول**، حيث وضع أسسًا جديدة لفهم الأحكام الشرعية بناءً على **المقاصد العامة** للشريعة الإسلامية.
8. **مواقفه في الإصلاح السياسي والاجتماعي**
كان يعتبر أن **الإصلاح السياسي والاجتماعي** جزء أساسي من دين الإسلام، وكان دائمًا يناصر العدالة في الفقه والحياة العامة.
- قد حارب الفساد داخل الدولة، وكان يرى أن على الحكام أن يتحملوا مسؤولياتهم في خدمة الأمة والناس.
9. **تأثيره على العلماء والفقهاء**
كان له تأثير بالغ على العلماء في زمانه. فقد تخرج على يديه العديد من الفقهاء والمفكرين الذين أصبحوا فيما بعد من الشخصيات البارزة في العالم الإسلامي.
تأثر العديد من العلماء المعاصرين له بمناهجه الفقهية وأفكاره الإصلاحية، وكان له حضور كبير في **مجلس العلماء** في مصر والشام.
10. **وفاته وإرثه**
توفي **العز بن عبد السلام** في عام 660 هـ (1262م) في **دمشق** بعد أن ترك خلفه إرثًا علميًا ضخمًا.
ظل تأثيره على العلم والدين حاضرًا بعد وفاته، وأصبح اسمه رمزًا للعلم والعزيمة في القول بالحق ورفض الظلم.
11. **تأثيره في العصر الحديث**
ما زالت فتاوى العز بن عبد السلام تُستشهد بها في العديد من النقاشات الفقهية والإصلاحية.
تُعتبر **مؤلفاته** مرجعًا هامًا في العديد من المسائل الفقهية والأصولية.
تأثيره يمتد في المجالين **الديني والسياسي**، حيث يُعتبر نموذجًا للعالم الذي يُقدّم مصلحة الأمة ويواجه الظلم.
الخلاصة:
كان العز بن عبد السلام **عالمًا موسوعيًا** في العلوم الشرعية، جمع بين العلم والعمل والإصلاح الاجتماعي. وُصف بـ **"سلطان العلماء"** بسبب تأثيره الكبير في حياة الأمة الإسلامية، خاصة في مواجهة الظلم وتأكيد العدالة.