أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

سيدنا نوح عليه السلام



سيدنا نوح عليه السلام:



إليك قصة مطولة عن سيدنا نوح عليه السلام، الذي يعتبر من أولي العزم من الرسل، وهو من بين الأنبياء الذين قدموا للبشرية أمثلة على الصبر والتفاني في سبيل الدعوة إلى الله:

 نشأة سيدنا نوح عليه السلام:


وُلد نوح عليه السلام في بيئة مليئة بالشرك والفساد، حيث كانت عبادة الأصنام منتشرة بشكل كبير بين قومه. كانت هناك مجموعة من الأصنام الشهيرة التي يعبدها قومه مثل "ود"، و"سواع"، و"يغوث"، و"يعوق"، و"نسر". انتشرت عبادة هذه الأصنام بشكل كبير، مما جعل الناس يبتعدون عن عبادة الله الواحد الأحد.

 دعوته لقومه:

بعث الله نوحًا نبيًا لهداية قومه ودعوتهم إلى التوحيد. بدأ نوح دعوته بأسلوب لطيف ومهذب، متبعًا أساليب مختلفة في التبليغ؛ فقد دعا قومه ليلًا ونهارًا، سرًا وعلانية، محاولًا إقناعهم بتوحيد الله وترك عبادة الأصنام. استخدم نوح كل وسيلة ممكنة لإيصال رسالته، وخاطبهم بمنطق العقل وأوضح لهم أن الأصنام لا تنفع ولا تضر، وأن الله هو خالق الكون والمتصرف فيه.

قال تعالى:

*"قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا. فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا"* (سورة نوح، الآيات 5-6).


 معارضة قومه وإصرارهم على الكفر:

على الرغم من الجهود الجبارة التي بذلها نوح عليه السلام، إلا أن معظم قومه أصروا على الكفر والسخرية منه ومن دعوته. اتهموه بالجنون وقالوا إنه يسعى لتحقيق أهداف شخصية من وراء دعوته. ورغم أنه قضى في دعوتهم ما يقرب من 950 عامًا، إلا أن استجابة القوم كانت ضئيلة للغاية. وقد اتبعه فقط القلة الضعفاء من الناس، بينما استكبر كبار القوم ووجهاؤهم.


قال الله تعالى:
*"وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ"* (سورة هود، الآية 40).

 بناء السفينة:

بعد أن استنفد نوح كل الوسائل الممكنة لإقناع قومه، أوحى الله إليه أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن بالفعل، وأمره ببناء سفينة عظيمة. كان هذا الأمر غريبًا ومفاجئًا، خاصة أن قوم نوح كانوا يسخرون منه وهو يبني السفينة في منطقة بعيدة عن الماء. لكن نوح عليه السلام استمر في بناء السفينة بأمر الله، معتمدًا على صبره وإيمانه الراسخ.

قال الله تعالى:
*"وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ"* (سورة هود، الآية 37).

 الطوفان العظيم:

بعد إتمام بناء السفينة، أمر الله نوحًا أن يُدخل فيها من كل نوع من المخلوقات زوجين اثنين، بالإضافة إلى المؤمنين من قومه. وحين جاء أمر الله، تفجرت الأرض بالينابيع، وانهمر المطر بغزارة لم تُشهد من قبل، حتى ارتفع الماء وأغرق كل شيء.


قال الله تعالى:
*"فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ. وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ"* (سورة القمر، الآيات 11-12).


رأى نوح ابنه، الذي لم يؤمن معه، يحاول النجاة بتسلق جبل، فناداه قائلاً: *"يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ"* (سورة هود، الآية 42)، لكن الابن رفض وقال: *"سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ"* (سورة هود، الآية 43). رد نوح عليه قائلاً: *"لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ"* (سورة هود، الآية 43). وغرق الابن مع باقي الكافرين.

 النجاة وبداية حياة جديدة:

بعد أن استمر الطوفان لفترة طويلة، أمر الله السماء أن تتوقف عن المطر، وأمر الأرض أن تبتلع الماء. استقرت السفينة على جبل الجودي، وبدأت حياة جديدة للمؤمنين الذين نجوا مع نوح عليه السلام. شكر نوح الله وحمده على نجاتهم، وبدأ مع من معه في تأسيس مجتمع جديد مبني على التوحيد والإيمان بالله.

قال الله تعالى:
*"قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ"* (سورة هود، الآية 48).


العبر والدروس من القصة:

 **الصبر والمثابرة**: تعتبر قصة نوح مثالًا رائعًا على الصبر الطويل في الدعوة إلى الله رغم الاستهزاء والمعارضة الشديدة.

**الثقة في الله**: يظهر في بناء السفينة التي لم تكن منطقية من منظور البشر، لكن نوح نفذ أمر الله بثقة وإيمان.

**العاقبة للمتقين**:
توضح القصة أن الله ينصر المؤمنين مهما طال الزمن، وأن الطغيان والكفر ينتهيان دائمًا بالهلاك.


قصة نوح عليه السلام تحمل في طياتها دروسًا عميقة في الثقة بالله والصبر، وتظهر أن الإيمان هو السبيل الوحيد للنجاة في الدنيا والآخرة.





تعليقات